فصل: الآية (78)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 قوله تعالى‏:‏ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأتهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏ثم قست قلوبكم من بعد ذلك‏}‏ قال‏:‏ من بعد ما أراهم الله من إحياء الموتى، ومن بعد ما أراهم من أمر القتيل ‏{‏فهي كالحجارة أو أشد قسوة‏}‏ ثم عذر الله الحجارة ولم يعذر شقي ابن آدم فقال ‏{‏وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله‏}‏‏.‏

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن من الحجارة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ أي أن من الحجارة لألين من قلوبكم، لما تدعون إليه من الحق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال‏:‏ كل حجر يتفجر منه الماء، أو يشقق عن ماء أو يتردى من رأس جبل فمن خشية الله‏.‏ نزل بذلك القرآن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن من منها لما يهبط من خشية الله‏}‏ قال‏:‏ إن الحجر ليقع على ألرض، ولو اجتمع عليه كثير من الناس ما استطاعوه، وإنه ليهبط من خشية الله‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون

أخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ ثم قال الله لنبيه ومن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم ‏{‏أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله‏}‏ وليس قوله التوراة كلها، وقد سمعها ولكنهم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏أفتطمعون أن يؤمنوا لكم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ فالذين يحرفونه والذين يكتبونه م العلماء منهم، والذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم هؤلاء كلهم يهود‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ‏{‏يسمعون كلام الله‏}‏ قال‏:‏ هي التوراة حرفوها‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون * أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون

أخرج ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا‏}‏ أي بصاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا‏:‏ لا تحدثوا العرب بهذا، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليكم فكان منهم ‏{‏ليجادلوكم به عند ربكم‏}‏ أي يقرون أنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ عليكم الميثاق بإتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي الذي كان ينتظر، ونجده في كتابنا اجحدوه ولا تقروا به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإذا لقوا الذين آمنوا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذه الآية في المنافقين من اليهود‏.‏ وقوله ‏{‏بما فتح الله عليكم‏}‏ يعني بما أكرمكم به‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال ‏"‏يا إخوان القردة والخنازير، ويا عبدة الطاغوت‏.‏ فقالوا‏:‏ من أخبر هذا الأمر محمد، ما خرج هذا الأمر إلا منكم ‏{‏أتحدثونهم بما فتح الله عليكم‏}‏ بما حكم الله ليكون لهم حجة عليكم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن‏.‏ فقال‏:‏ رؤساء اليهود‏:‏ اذهبوا فقولوا آمنا واكفروا إذا رجعتم إلينا، فكانوا يأتون المدينة بالبكر ويرجعون إليهم بعد العصر، وهو قوله ‏(‏وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار وأكفروا آخره‏)‏ ‏(‏آل عمران الآية 72‏)‏ وكانوا يقولون‏:‏ إذا دخلوا المدينة نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره، فكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون، فيقولون لهم‏:‏ أليس قد قال لكم في التوراة كذا وكذا‏؟‏ فيقولون‏:‏ بلى‏.‏ فإذا رجعوا إلى قومهم قالوا ‏{‏أتحدثونهم بما فتح الله به عليكم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ نزلت هذه الآية في ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به، فقال بعضهم لبعض ‏{‏أتحدثونهم بما فتح الله به عليكم‏}‏ من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ‏"‏أن امرأة من اليهود أصابت فاحشة، فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبتغون منه الحكم رجاء الرخصة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عالمهم وهو ابن صوريا، فقال له‏:‏ احكم‏.‏‏.‏‏.‏ قال‏:‏ فجبؤة‏.‏ والتجبئة يحملونه على حمار ويجعلون على وجهه إلى ذنب الحمار‏.‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أبحكم الله حكمت‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ولكن نساءنا كن حسانا، فأسرع فيهن رجالنا فغيرنا الحكم، وفيه أنزلت ‏{‏وإذا خلا بعضهم إلى بعض‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ‏{‏وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا‏}‏ قالوا‏:‏ هم اليهود، وكانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، فصانعوهم بذلك ليرضوا عنهم، وإذا خلا بعضهم إلى بعض نهى بعضهم بعضا أن يحدثوا بما فتح الله عليهم، وبين لهم في كتابه من أمر محمد عليه السلام رفعته ونبوته، وقالوا‏:‏ إنكم إذا فعلتم ذلك احتجوا عليكم بذلك عند ربكم ‏{‏أفلا تعقلون، أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون‏}‏ قال‏:‏ ما يعلنون من أمرهم وكلامهم إذا لقوا الذين آمنوا، وما يسرون إذا خلا بعضهم إلى بعض من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به، وهم يجدونه مكتوبا عندهم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله ‏{‏و لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون‏}‏ يعني من كفرهم بمحمد وتكذيبهم به ‏{‏وما يعلنون‏}‏ حين قالوا للمؤمنين‏:‏ آمنا‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون

أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله، ولا كتابا أنزله، فكتبوا كتابا بأيديهم، ثم قالوا لقوم سفلة جهال‏:‏ هذا من عند الله‏.‏ وقال‏:‏ قد أخبرهم أنهم يكتبون بأيديهم، ثم سماهم أميين لجحودهم كتب الله ورسله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي في قوله ‏{‏ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب‏}‏ قال‏:‏ منهم من لا يحسن أن يكتب‏.‏

وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب‏}‏ قال‏:‏ لا يدرون ما فيه ‏{‏وإن هم إلا يظنون‏}‏ وهم يجحدون نبؤتك بالظن‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب‏}‏ قال‏:‏ ناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا، وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله، ويقولن هو من الكتاب أماني تمنونها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏إلا أماني‏}‏ قال‏:‏ إلا أحاديث‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏إلا أماني‏}‏ قال‏:‏ إلا قولا يقولون بأفواههم كذبا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏إلا أماني‏}‏ قال‏:‏ إلا كذبا ‏{‏وإن هم إلا يظنون‏}‏ قال‏:‏ إلا يكذبون‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون

أخرج وكيع وابن المنذر والنسائي عن ابن عباس في قوله ‏{‏فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم‏}‏ قال‏:‏ نزلت في أهل الكتاب‏.‏

وأخرج أحمد وهناد بن السري بن الزهد وعبد بن حميد والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ويل واد في حهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏في قوله ‏{‏فويل لهم مما كتبت أيديهم‏}‏ قال‏:‏ الويل جبل في النار، وهو الذي أنزل في اليهود لأنهم حرفوا التوراة، زادوا فيها ما أحبوا، ومحوا منها ما كانوا يكرهون، ومحوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة‏"‏‏.‏

وأخرج البزار وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن في النار ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ حجرا يقال لها ويل يصعد عليه العرفاء وينزلون فيه‏"‏‏.‏

وأخرج الحربي في فوائده عن عائشة قالت‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ويحك يا عائشة‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فجزعت منها‏.‏ فقال لي‏:‏ يا حميراء إت ويحك أو ويك رحمة فلا تحجزعي منها، ولكن اجزعي من الويل‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ الويح والويل بابان‏.‏ فأما الويح فباب رحمة، وأما الويل فباب عذاب‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال‏:‏ ويل واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن النعمان بن بشير قال‏:‏ الويل واد من فيح في جهنم‏.‏

وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن عطاء بن يسار قال‏:‏ ويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت من شدة حره‏.‏

وأخرج هناد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ ويل سيل من صديد في أصل جهنم وفي لفظ ويل واد في جهنم يسيل فيه صديده‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى عفرة قال‏:‏ إذا سمعت الله يقول‏:‏ ويل هي النار‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏فويل للذين يكتبون الكتاب‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هم أحبار اليهود،، وجدوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم مكتوبة في التوراة أكحل أعين ربعة، جعد الشعر، حسن الوجه، فلما وجدوه في التوراة محوه حسدا وبغيا، فأتاهم نفر من قريش فقالوا‏:‏ تجدون في التوراة نبيا أميا‏؟‏ فقالوا‏:‏ نعم، نجده طويلا أزرق سبط الشعر، فأنكرت قريش وقالوا‏:‏ ليس هذا منا‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال‏:‏ وصف الله محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حسده أحبار اليهود فغيروا صفته في كتابهم، وقالوا‏:‏ لا نجد نعته عندنا، وقالوا للسفلة‏:‏ ليس هذا نعت النبي الذي يحرم كذا وكذا كما كتبوه، وغيروا نعت هذا كذا كما وصف فلبسوا على الناس، وإنما فعلوا ذلك لأن الأحبار كانت لهم مأكلة يطعمهم إياها السفلة لقيامهم على التوراة، فخافوا أن تؤمن السفلة فتنقطع تلك المأكلة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أنه قال‏:‏ يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيه أحدث أخبارا لله تعرفونه غضا محضا لم يشب، وقد حدثكم الله ان أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا‏:‏ هو من عند الله ليشتروا به ثمنا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلهم، ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل إليكم‏؟‏‏.‏وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال كان ناس من اليهود يكتبون كتابا من عندهم، ويبيعونه من العرب، ويحدثونهم أنه من عند الله، فيأخذون ثمنا قليلا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر واين أبي حاتم عن قتادة في الآية قال‏:‏ كان ناس من بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم ليتأكلوا الناس، فقالوا‏:‏ هذه من عند الله وما هي من عند الله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏ليشتروا به ثمنا قليلا‏}‏ قال‏:‏ عرضا من عرض الدنيا ‏{‏فويل لهم مما يكسبون‏}‏ يقول‏:‏ مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود في المصاحف وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي‏.‏ أنه كره كتابة المصاحف بالأجر، وتلا هذه الآية ‏{‏فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج وكيع عن الأعمش‏.‏ أنه كره أن يكتب المصاحف بالأجر، وتأول هذه الآية ‏{‏فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله‏}‏‏.‏

وأخرج وكيع وابن أبي داود عن محمد بن سيرين أنه يكره شراء المصاحف وبيعها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود عن أبي الضحى قال‏:‏ سألت ثلاثة من أهل الكوفة عن شراء المصاحف‏.‏ عبد الله بن يزيد الخطمي، ومسروق بن الأجدع، وشريحا، فكلهم قال‏:‏ لا نأخذ لكتاب الله ثمنا‏.‏

وأخرج ابن أبي داود من طريق قتادة عن زرارة عن مطرف قال‏:‏ شهدت فتح تستر مع الأشعري، فأصبنا دانيال بالسوس، وأصبنا معه ربطتين من كتان، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب الله، وكان أول من وقع عليه رجل من بلعنبر يقال له حرقوص، فأعطاه الأشعري الربطتين وأعطاه مائتي درهم، وكان معنا أجير نصراني يسمى نعيما فقال‏:‏ بيعوني هذه الربعة بما فيها، فقالوا‏:‏ إن يكن فيها ذهب أو فضة أو كتاب الله‏؟‏ قال‏:‏ فإن الذي فيها كتاب الله، فكرهوا أن يبيعوه الكتاب فبعناه الربعة بدرهمين ووهبنا له الكتاب‏.‏ قال قتادة‏:‏ فمن ثم كره بيع المصاحف لأن الأشعري وأصحابه كرهوا بيع ذلك الكتاب‏.‏

وأخرج ابن أبي داود من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن‏:‏ أنهما كرها بيع المصاحف‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن حماد بن أبي سليمان أنه سئل عن بيع المصاحف فقال‏:‏ إن إبراهيم يكره بيعها وشراءها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن سالم قال‏:‏ كان ابن عمر إذا أتى على الذي يبيع المصاحف قال‏:‏ بئس التجارة‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن عبادة بن نسي‏.‏ أن عمر كان يقول‏:‏ لا تبيعوا المصاحف ولا تشتروها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن سيرين وإبراهيم‏.‏ أن عمر كان يكره بيع المصاحف وشراءها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن مسعود‏:‏ أنه كره بيع المصاحف وشراءها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود من طريق نافع عن ابن عمر قال‏:‏ وددت أن الأيدي تقطع على بيع المصاحف‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير قال‏:‏ وددت أن الأيدي قطعت على بيع المصاحف وشرائها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال‏:‏ سمعت سالم بن عبد الله يقول‏:‏ بئس التجارة المصاحف‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن جابر بن عبد الله‏:‏ أنه كره بيع المصاحف وشراءها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود عن عبد الله بن شقيق العقيلي‏:‏ أنه كان يكره بيع المصاحف قال‏:‏ وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشددون في بيع المصاحف ويرونه عظيما‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب‏:‏ أنه كره بيع المصاحف كراهية شديدة، وكان يقول‏:‏ أعن أخاك بالكتاب أو هب له‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن علي بن حسين قال‏:‏ كانت المصاحف لا تباع، وكان الرجل يأتي بورقة عند المنبر فيقول من الرجل يحتسب فيكتب لي‏؟‏ ثم يأتي الآخر فيكتب حتى يتم المصحف‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن مسروق وعلقمة وعبد الله بن يزيد الأنصاري وشريح وعبادة‏.‏ أنهم كرهوا بيع المصاحف وشراءها، وقالوا‏:‏ لا نأخذ لكتاب الله ثمنا‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن إبراهيم عن أصحابه قال‏:‏ كانوا يكرهون بيع المصاحف وشراءها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن أبي العالية‏.‏ أنه كان يكره بيع المصاحف، وقال‏:‏ وددت أن الذين يبيعون المصاحف ضربوا‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن سيرين قال‏:‏ كانوا يكرهون بيع المصاحف وكتابتها بالأجر‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن جريج قال‏:‏ قال عطاء‏:‏ لم يكن من مضى يبيعون المصاحف إنما حدث ذلك الآن، وإنما يجلسون بمصاحفهم في الحجر فيقول أحدهم للرجل إذا كان كاتبا وهو يطوف‏:‏ يا فلان إذا فرغت تعال فاكتب لي‏.‏ قال‏:‏ فيكتب المصحف وما كان من ذلك حتى يفرغ من مصحفه‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن عمرو بن مرة قال‏:‏ كان في أول الزمان يجتمعون فيكتبون المصاحف، ثم إنهم استأجروا العباد فكتبوها لهم، ثم إن العباد بعد أن كتبوها باعوها، وأول من باعها هم العباد ‏(‏العباد‏:‏ جمع عبد وهم قبائل شتى من العرب اجتمعوا بالحيرة على المسيحية قبل الإسلام والنسبة عبادي‏)‏‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود عن عمران بن جرير قال‏:‏ سألت أبا مجلز عن بيع المصاحف قال‏:‏ إنما بيعت في زمن معاوية فلا تبعها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن محمد بن سيرين قال‏:‏ كتاب الله أعز من أن يباع‏.‏

وأخرج ابن سعيد عن حنظلة قال‏:‏ كنت أمشي مع طاوس فمر بقوم يبيعون المصاحف فاسترجع‏.‏

ذكر من رخص في بيعها وشراءها

أخرج ابن أبي داود عن ابن عباس أنه سئل عن بيع المصاحف فقال‏:‏ لا بأس، إنما يأخذون أجور أيديهم‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن الحنفية أنه سئل عن بيع المصاحف قال‏:‏ لا بأس، إنما يبيع الورق‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود عن الشعبي قال‏:‏ لا بأس ببيع المصاحف، إنهم لا يبيعون كتاب الله إنما يبيعون الورق وعمل أيديهم‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن جعفر عن أبيه قال‏:‏ لا بأس بشراء المصاحف وأن يعطى الأجر على كتابتها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود عن مطر الوراق‏.‏ أنه سئل عن بيع المصاحف فقال‏:‏ كان خيرا أو حبرا هذا الأمة لا يريان يبيعها بأسا، الحسن والشعبي‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن حميد‏.‏ أن الحسن كان يكره بيع المصاحف، فلم يزل به مطر الوراق حتى رخص فيه‏.‏

وأخرج ابن أبي داود من طرق عن الحسن قال‏:‏ لا بأس ببيع المصاحف ونقطها بالأجر‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن الحكم‏:‏ أنه كان لا يرى بأسا بشراء المصاحف وبيعها‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود عن أبي شهاب موسى بن نافع قال‏:‏ قال لي سعيد بن جبير‏:‏ هل لك في مصحف عندي قد كفيتك عرضه فتشتريه‏؟‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود من طرق عن ابن عباس قال‏:‏ اشتر المصاحف ولا تبعها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن ابن عباس قال‏:‏ رخص في شراء المصاحف وكره في بيعها‏.‏ قال ابن أبي داود‏:‏ كذا قال رخص كأنه صار مسندا‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود عن جابر بن عبد الله في بيع المصاحف قال‏:‏ ابتعها ولا تبعها‏.‏

وأخرج ابن أبي داود عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر‏.‏ مثله‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون

أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي عن ابن عباس أن يهود كانوا يقولون‏:‏ مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار، وإنما هي سبعة أيام معدودات ثم ينقطع العذاب، فأنزل الله في ذلك ‏{‏وقالوا لن تمسنا النار‏}‏ إلى قوله ‏{‏هم فيها خالدون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي عن ابن عباس قال‏:‏ وجد أهل الكتاب مسيرة ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين، فقالوا‏:‏ لن يعذب أهل النار إلا قدر أربعين، فإذا كان يوم القيامة ألجموا في النار فساروا فيها حتى انتهوا إلى سقر، وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعهودة، فقال له خزنة النار‏:‏ يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياما معدودة فقد انقضى العدد وبقي الأبد، فيأخذون في الصعود يرهقون على وجوههم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس‏.‏ أن اليهود قالوا‏:‏ لن تمسنا النار إلا أربعين يوما مدة عبادة العجل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال‏:‏ اجتمعت يهود يوما فخاصموا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وسموا أربعين يوما، ثم يخلفنا فيها ناس وأشاروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ورد يده على رؤوسهم كذبتم بل أنتم خالدون مخلدون فيها لا نخلفكم فيها إن شاء الله تعالى أبدا، ففيهم أنزلت هذه الآية ‏{‏وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة‏}‏ يعنون أربعين ليلة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود ‏"‏أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزل الله على موسى يوم طور سيناء من أهل النار الذين أنزلهم الله في التوراة‏؟‏ قالوا‏:‏ إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة، ثم نخرج فتخلفوننا فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ كذبتم والله لا نخلفكم فيها أبدا، فنزل القرآن تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبا لهم ‏{‏وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة‏}‏ إلى قوله ‏{‏وهم فيها خالدون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري والدارمي والنسائي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال ‏"‏لما افتتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اجمعوا لي من كان ههنا من اليهود، فقال لهم‏:‏ من أبوكم‏؟‏ قال‏:‏ فلان‏.‏ قال‏:‏ كذبتم، بل أبوكم فلان‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت وبررت‏.‏ ثم قال لهم‏:‏ هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا‏.‏ فقال لهم‏:‏ من أهل النار‏؟‏ قالوا‏:‏ نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها‏.‏ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اخسئوا - والله - لا نخلفكم فيها أبدا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏قل أتخذتم عند الله عهدا‏}‏ أي موثقا من الله بذلك أنه كما تقولون‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ لما قالت اليهود ما قالت قال الله لمحمد ‏{‏قل أتخذتم عند الله عهدا‏}‏ يقول‏:‏ ادخرتم عند الله عهدا‏.‏ يقول‏:‏ أقلتم لا إله إلا الله لم تشركوا ولم تكفروا به، فإن كنتم قلتموها فأرجوا بها، وإن كنتم لم تقولوها فلم تقولون على الله ما لا تعلمون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ‏{‏قل أتخذتم عند الله‏}‏ قال‏:‏ بفراكم وبزعمكم أن النار ليس تمسكم إلا أياما معدودة، يقول‏:‏ إن كنتم اتخذتم عند الله عهدا بذلك فلن يخلف الله عهده ‏{‏أم تقولون على الله ما لا تعلمون‏}‏ قال‏:‏ قال القوم‏:‏ الكذب والباطل، وقالوا عليه ما لا يعلمون‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏بلى من كسب‏}‏ قال‏:‏ الشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة وقتادة‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله ‏{‏وأحاطت به خطيئته‏}‏ قال‏:‏ أحاط به شركه‏.‏

وأخرج ابن اسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏بلى من كسب سيئة‏}‏ أي من عمل مثل أعمالكم وكفر بما كفرتم به حتى يحيط كفره بما له من حسنة ‏{‏فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، والذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ أي من آمن بما كفرتم به، وعمل بما تركتم من دينه، فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم أن الثواب بالخير والشر، مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له أبدا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏وأحاطت به خطيئته‏}‏ قال‏:‏ هي الكبيرة الموجبة لأهلها النار‏.‏

وأخرج وكيع وابن جرير عن الحسن أنه سئل عن قوله ‏{‏وأحاطت به خطيئته‏}‏ ما الخطيئة‏؟‏ قال‏:‏ اقرؤوا القرآن، فكل آية وعد الله عليها النار فهي الخطيئة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏وأحاطت به خطيئته‏}‏ قال‏:‏ الذنوب تحيط بالقلوب، فكلما عمل ذنبا ارتفعت حتى تغشى القلب حتى يكون هكذا وقبض كفه، ثم قال‏:‏ والخطيئة كل ذنب وعد الله عليه النار‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الربيع بن خيثم في قوله ‏{‏وأحاطت به خطيئته‏}‏ قال‏:‏ هو الذي يموت على خطيئته قبل أن يتوب‏.‏

وأخرج وكيع وابن جرير عن الأعمش في قوله ‏{‏وأحاطت به خطيئته‏}‏ قال‏:‏ مات بذنبه‏.‏